فصل: المقصد الخامس في ذكر بحيرات الديار المصرية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.المقصد الرابع في ذكر خلجانها:

وخلجانها القديمة ستة خلجٍ:
الخليج الأول المنهى:
وهو الخليج الذي حفره يوسف الصديق عليه السلام ومخرجه بالقرب من دروة سربام، من عمل الأشمونين. الآتي ذكرها، وهي المعروفة بدروة الشريف، ويأخذ شمالاً إلى مدينة البهنسي، ثم إلى قرية اللاهون من عمل البهنسي، ويمر في الجبل حتى يجاوزه إلى إقليم الفيوم، ويمر بمدينته وينبث في نواحيه.
وهذا النهر من غرائب أنهار الدنيا تجف فوهته في أيام نقص النيل، وباقيه يجري في موضع ويجف في آخر إلى إقليم الفيوم، فيجري شتاءً وصيفاً من أعين تتفجر منه ولا يحتاج إلى حفرٍ قط.
ويقال: إن يوسف عليه السلام حفره بالوحي ومياهه منقسمة على استحقاق مقدرٍ، كما في دمشق من البلاد الشامية.
وقال في الروض المعطار: وكانت مقاسمه بحجر اللاهون على القرب من القرية المنسوبة إليه المتقدمة الذكر، قال: وهو من عجائب الدنيا، وهو شاذروان بين قبتين من أحكم صنعة، مدرج على ستين درجة، فيها فوارات في أعلاها وفي وسطها وفي أسفلها، يسقي الأعلى الأرض العليا، والأوسط الأرض الوسطى، والأسفل الأرض السفلى بوزن وقدر معلوم.
قال: ويقال إن يوسف عليه السلام عمله بالوحي، وإن ملك مصر يومئذ لما عاينه قال هذا من ملكوت السماء.
ويقال إنه عمل من الفضة والنحاس والرخام.
قلت: قد ذهبت معالم هذا اللاهون وبقي بعض بنائه ونقلت المقاسم إلى مكان آخر بالفيوم تسقى الآن الأراضي على حكمها.
ومن غرائب أمره أن به التماسيح التي لا تحصى كثرةً، ولم يشتهر في زمن من الأزمان أنها آذت أحداً قط.
الخليج الثاني خليج القاهرة الذي يكسر سده يوم وفاء النيل:
حفره عمرو بن العاص وهو أمير مصر، في خلافة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.
قال القضاعي: أمر بحفره عام الرمادة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وساقه إلى بحر القلزم، فلم يتم عليه الحول حتى جرت فيه السفن وحمل فيها الزاد والأطعمة إلى مكة والمدينة، ونفع الله بذلك أهل الحجاز.
وذكر الكندي في كتاب الجند العربي أن حفره كان سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وفرغ منه في ستة اشهر، وجرت فيه السفن ووصلت إلى الحجاز في الشهر السابع.
قال الكندي: ولم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه عمر بن عبد العزيز، ثم أضاعته الولاة فترك وغلب عليه الرمل، وصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية الطور والقلزم.
وذكر ابن قديد: أن أبا جعفر المنصور أمر بسده حين خرج عليه محمد بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ليقطع عنه الطعام.
ولم يكن عليه قنطرة إلى أن بنى عليه عبد العزيز بن مروان قنطرة في سنة تسع وستين.
وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب أنه انقطع جريان هذا الخيلج عن الإسكندرية إلى سنة اثنتين وثلاثين وثالثمائة لردم جميعها وصار شرب أهلها من الآبار.
قال ابن عبد الظاهر: وليس لها أثر في هذا الزمان. قال: وإنما بنى السلطان الملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب هاتين القنطرتين الموجودتين على بستان الخشاب وباب الخرق، يعني قنطرة السد وقنطرة باب الخرق في سنة نيف وأربعين وستمائة.
وذكر في موضع آخر من خططه أن القنطرة التي عليه خارج باب القنطرة بناها القائد جوهر سنة ستين وثلثمائة؛ وقنطرة اللؤلؤة- وهي التي كانت بالقرب من ميدان القمح، وبعضها باق إلى الآن - من بناء الفاطميين أيضاً؛ واللؤلؤة التي تنسب هذه القنطرة إليها منظرة على بر الخليج القبلي، بناها الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي، كانت مستنزهاً لخلفاء الفاطميين ينزلون فيها في أيام النيل ويقيمون بها إلى آخر النيل.
قلت: أما باقي القناطر التي على هذا الخليج: كقنطرة عمر شاه، وقنطرة سنقر، وقنطرة أمير حسين، فكلها مستحدثة في الدولة التركية، وغالبها في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون.
قال ابن أبي المنصور في تاريخه: وأول من رتب حفره على الناس المأمون بن البطائحي، وكذلك البساتين في دولة الأفضل، وجعل عليه والياً بمفرده.
الخليج الثالث خليج السردوس:
ويقال السردوسي بزيادة ياء في آخره، وهو الذي حفره هامان لفرعون.
قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات: ويقال: إنه لما حفره سأله أهل البلاد أن يجريه إليهم على أن يجعلوا له على ذلك مالأ، فتحصل له من ذلك مائة ألف دينار فحملها إلى فرعون، فقال: ويحك! إنه ينبغي للسيد أن يعطف على عبيده ولا ينظر إلى ما في أيديهم، وأمر برد المال إلى أربابه.
قال: وكان هذا الخيلج أحد نزهات الدنيا يسار فيه يوماً بين بساتين مشتبكة وأشجار ملتفةٍ وفواكه دانية.
قلت: أما الآن فقد ذهب ذلك، وبطل الخليج وعوض عنه ببحر أبي المنجا الآتي ذكره.
الخليج الرابع خليج الإسكندرية:
وهو خليج مخرجه من الفرقة الغربية من النيل عند قرية تسمى العطف تقابل فوة، مدينة المزاحمتين، ويميل غربا حتى يتصل بجدران الإسكندرية، وتدخل منه قناةٌ تحت الأرض إلى داخلها، ويتشعب منها شعبٌ كثيرة تدخل دورها، وتخرج من دار إلى أخرى، ويخالط آبارها فيحلو ماؤها وتملأ منها صهاريجها حينئذ فتمكث من السنة إلى السنة.
وكانت فوهة هذا الخليج فيما تقدم جنوببي فوهته الآن عند قرية تسمى الظاهرية من عمل البحيرة، وكان يمر على دمنهور مدينة البحيرة، ثم نقل إلى مكانه الآن ويقال إن أرضه في القديم كانت مفروشة بالبلاط.
قال في تقويم البلدان: وهو من أحسن المنتزهات لأنه مخضر الجانبين بالبساتين؛ وفيه يقول ظافر الحداد الشاعر السكندري:
وعيشةٍ أهدت لعينك منظراً ** جاء السرور به لقلبك وافدا

روضٌ كمخضر العذار وجدولٌ ** نقشت عليه يد الشمال مباردا

والنخل كالغيد الحسان تزينت ** ولبس من أثمارهن قلائدا

وقد ذكر السمعودي في مروج الذهب: أنه انقطع جريان هذا الخيلج عن الإسكندرية إلى سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة لردم جميعها، وصار شرب أهلها مكن الآبار.
الخليج الخامس خليج سخا:
ويقال إن الذي حفره برصا: أحد ملوك مصر بعد الطوفان.
الخليج السادس خليج دمياط:
ولم أقف على تفاصيل أحواله.
بحر أبي المنجا:
أما بحر أبي المنجا، فإنه وإن عظم شأنمه مستحدث، حفره الأفضل بن أمير الجيوش وزير المستعلي بالله الفاطمي.
قال ابن أبي المنصور في تاريخه: وكان سبب حفره أن البلاد الشرقية كانت جارية في ديوان الخلافة، وكان معظمها لا يروى في أكثر السنين ولا يصل الماء إليها من خليج السردوس المتقدم ذكره، أو من غيره من الأماكن البعيدة.
وكان يشارف العمل يهودي اسمه أبو المنجا، فرغب أهل البلاد إليه في فتح ترعة يصل الماء منها إليهم في ابتدائه فرفع الأمر إلى الأفضل، فركب في النيل في ابتدائه في مركب رومي بحزمٍ من البوص في النيل وجعل يتبعها بمركبه إلى أن رماها النيل إلى فم ذلك البحر فحفر من هناك، وابتدأ حفره يوم الثلاثاء السادس من شعبان سنة ست وخمسمائة، وأقام الحفر فيه سنتين وغرم فيه مال كثير. وكان في كل سنة تظهر فائدته. ويتضاعف ارتفاع البلاد التي تحته، وغلب عليه إضافته إلى أبي المنجا لتكلمه فيه. فلما عارض على الأفضل ما صرف عليه استعظمه وقال: غرمنا عليه هذا المال العظيم والاسم لأبي المنجا، فسماه البحر الأفضلي فلم يتم له ذلك ولم يعرف إلا بأبي المنجا، ثم سطى بأبي المنجا المذكور بعد ذلك ونفي إلى الإسكندرية. ولما ولي المأمون بن البطائحي الوزارة تحدث معه الأمراء في أن يتخذ لفتحه يوماً كفتح خليج القاهرة، فابتنى عند سده منظرة متسعة ينزل فيها عند فتحه.
قلت: وكانت فيه معدية يعدى فيها بين قليوب وبيسوس، وكان يحصل للناس بيها مشقة عظيمة لكثرة المارين، فعمر عليها الظاهر بيبرس رحمه الله قنطرةً عظيمة بحجر صلد، من غرائب البناء، تمر عليها الناس والدواب، فحصل للناس بها الارتفاق العظيم، وهي باقية على جدتها إلى زماننا.
وكان سده يقطع في عيد الصليب في سابع عشر توت، ثم استقر الحال على أن يقطع يوم النوروز، في أول يوم من توت حرصاً على ري البلاد.
وأما بقية خلج الديار المصرية المستحدثه وترعها بالوجهين: القبلي والبحري، فأكثر من أن تحصر، ولكل منها زمن معروف يقطع فيه.

.المقصد الخامس في ذكر بحيرات الديار المصرية:

وهي أربع بحيرات:
الأولى منها- بحيرة الفيوم ويعبر عنها بالبركة، وهي بحيرة حلوةٌ بالقرب من الفيوم بين الشمال والغرب عنه، على نحو نصف يوم، يصب فيها فضلات مائة المنصب إليه من خليجه المنهى المتقدم ذكره، وليس لها مصرفٌ تنصرف إليه لإحاطة الجبل بها، ولذلك غلبت على كثير من قرى الفيوم وعلا ماؤها على أرضها.
قال في تقويم البلدان: وطولها شرقاً بغرب نحو يوم، وبها أسماك كثيرة تتحصل من صيدها جملةٌ كثيرةٌ من المال؛ وبها من آجام القصب والطرفاء والبردي ما يتحصل منه المال الكثير.
الثانية- بحيرة بوقير بضم الباء الموحدة وسكون الواو وكسر القاف وسكون الياء المثناة تحت وراء مهملة في الآخر وهي بحيرة ماء ملحٍ يخرج من البحر الرومي بين الإسكندرية ورشيد، ولها خليج صغير مشتق من خليج الإسكندرية المتقدم ذكره، يأتيها ماء النيل منه عند زيادته؛ وبها من صيد السمك ما يتحصل منه المال الكثير، وفيها من أنواع الطير كل غريب، وبجوانبها الملاحات الكثيرة التي يحمل منها الملح إلى بلاد الفرنج وغيرها.
قلت: وقد وقع للسلطان عماد الدين صاحب حماة، رحمه الله، وهمٌ فجعل هذه البحيرة هي بحيرة نستروه الآتي ذكرها، على أن هذه البحيرة قد انقطع مددها من البحر الملح في زماننا بواسطة غلبة الرمل على أشتونها الموصل إليها الماء من بحر الروم فجفت وصارت سبخة طويلة عريضة؛ ومات ما كان يصاد منها من السمك البوري، وما يتحصل منها من الملح المنعقد بسواحلها، وعاد على الإسكندرية بواسطة ذلك ضرر كبير لأنه كان الغالب على أهلها أكل السمك ويحصل لهم بالملح رفق كبير.
الثالثة- بحيرة نستروه بفتح النون وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة فوق وضم الراء المهملة وسكون الواو وهاء في الآخر وهي بحيرة ماء ملح أيضاً بالقرب من البرلس في آخر بلاد الأعمال الغربية الآتي ذكرها، متسعة الأرجاء إذا توسطها المركب لا ترى جوانبها لعظمها، لبعد مركزها عن البر، وبالقرب منها قرية تسمى نستروه، وهي التي تضاف إليها، وداخلها قرية أخرى تسمى سنجار لا زرع فيهما ولا نفع، وليس بهما غير صيد السمك، وهي الغاية القصوى فيما يتحصل من المال.
قال صاحب حماة: يبلغ متحصل صيد سمكها في كل سنة فوق عشرين ألف دينار مصرية، وليس يساويها بحيرة من البحيرات في ذلك.
قلت: وأخبرني بعض مباشريها أنها في زماننا قد تميز متحصلها عن ذلك نحو مثله للاجتهاد في الصيد، وكثرة الضبط وارتفاع السعر.
الرابعة- بحيرة تنيس قال السمعاني بكسر التاء المثناة فوق والنون المشددة المكسورة ثم ياء مثناة تحت وسين مهملة في الآخر وهي بحيرةٌ متصلة بالبحر الرومي أيضاً بآخر عمل الدقهلية والمرتاحية الآتي ذكره، وفيها مصب بحر أشموم المنفرق من الفرقة الشرقية من النيل، ولذلك يعذب ماؤها في أيام زيادة النيل، وبوسطها تنيس الآتي ذكرها في الكلام على الكور القديمة.
قال صاحب الروض المعطار: طمى عليها البحر قبل الفتح الإسلامي بمائة سنة فغرقها وصارت بحيرة، ويتصل بهذه البحيرة من جهة الغرب بحيرة دمياط وهما في الحقيقة كالبحيرة الواحدة.

.المقصد السادس في ذكر جبالها:

اعلم أن وادي مصر يكتنفه جبلان شرقاً وغرباً، يبتدئان من الجنادل المتقدمة الذكر فوق أسوان آخذين من جهة الشمال على تقارب بينهما بحيث يرى كل منهما من الآخر والنيل مار بين جنبتيهما.
فأما الشرقي منهما فيمر بين النيل وبحر القلزم المتقدم الذكر حتى يجاوز الفسطاط فينعطف ويأخذ شرقاً حتى يأتي على آخر بحر القلزم من الشمال، يرتفع في موضع وينخفض في آخر؛ وفي أوائل هذا الجبل من جهة الجنوب على القرب من مدينة قوص معدن الزمرد المتقدم ذكره في خواص الديار المصرية، في مغارة طويلة في قطعة جبل عالية، تسمى قرشنده ليس هناك أعلى منها، وعلى القرب من ذلك مقطع الرخام الملون من الأبيض والسماقي وسائر الألوان المستحسنة التي لا تساوى حسناً.
ويسمى الجبل المطل منه على النيل مقابل المراغات من عمل إخميم جبل الساحرة وأظنه جبل زماخير الساحرة المتقدمة الذكر في عجائب الديار المصرية.
ويسمى الجبل المطل منه على النيل مقابل مدينة منفلوط جبل أبي فيدة بفاء وياء مثناة تحت.
ويسمى الجبل المطل منه على النيل مقابل منية بني خصيب من الأشمونين. جبل الطيلمون ويعرف ب الآن بجبل الطير؛ وقد تقدم ذكره في جملة عجائب الديار المصرية.
ويسمى ما سامت الفسطاط والقرافة منه المقطم وربما أطلق المقطم على جميع المقطم؛ وقد اختلف في سبب تسمية بذلك، فقيل سمي باسم مقطم الكاهن كان مقيماً فيه لعمل الكيميا.
وقال أبو عبد الله اليمني: سمي بالمقطم بن مصر بن بصير، وكان عبداً صالحاً انفرد فيه لعبادة الله تعالى.
وذكر الكندي في كتاب فضائل مصر ما يوافق ذلك: وهو أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سار في سفح المقطم ومعه المقوقس، فقال له عمرو: ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فلو شققنا في أسفله نهراً من النيل وغرسناه نخلاً؛ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب أنه كان أكثر البلاد أشجاراً ونبتاً وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، فلما كانت الليلة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليه السلام، أوحى الله تعالى إلى الجبال: إني مكلم نبياً من أنبيائي على جبل منك، فسمت الجبال كلها وتشامخت إلا جبل بيت المقدس فإنه هبط وتصاغر، فأوحى الله تعالى إليه: لم فعلت ذلك؟ وهو به أخبر، فقال: إعظاماً وإجلالاً لك يا رب! فأمر الله تعالى الجبال أن يحيوه كل جبل مما عليه من النبت، فجاد له المقطم بكل ما عليه من النبت حتى بقي كما ترى، فأوحى الله تعالى إليه إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غرس الجنة.
وأنكر القضاعي وغيره أن يكون لمصر ولد اسمه المقطم، وجعلوه مأخوذاً من القطم وهو القطع، لكونه منقطع الشجر والنبات.
قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات: وفيه كنوز عظيمة، وهياكل كثيرة، وعجائب غريبة. ولملوك مصر فيه من الجواهر والذهب والفضة والأواني، والآلات النفسية، والتماثيل العجيبة، وتراب الصنعة ما يخرج عن حد الإحصاء.
قال في الروض المعطار: وإذا دبرت تربته حصل منها ذهب صالح.
ويلي المقطم من جهة الشمال اليحاميم وهي الجبال المتفرقة المطلة على القاهرة من جانبها الشرقي وجبانتها.
قال القضاعي: وقيل لها اليحاميم لاختلاف ألوانها، واليحموم في كلام العرب: الأسود المظلم، ولعله يريد الجبل الأحمر وما والآه.
وفي شرقي المقطم على بحر القلزم طورسينا الذي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عليه، وهو جبل مرتفع للغاية، داخل في البحر.
قال الأزهري: وسمي الطور بطور بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام.
قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات: ومن خاصته أنه كيفما كسر، ظهر فيه صورة شجرة العليق، وقد بني هناك ديرٌ بأعلى الجبل، وغرس بواديه بساتين وأشجارٌ.
وأما الغربي منهما، فإنه يبتديء من الجنادل أيضاً ويمر في الشمال فيما ببين بلاد الصعيد والصحراء، ثم فيما بين بلاد الصعيد والواحات، ثم فيما بين بلاد الصعيد والفيوم حتى ينتهي إلى مقابل الفسطاط. وهناك موقع الهرمين العظيمين المقدم ذكرهما على القرب من بوصير، ثم ينعطف ويأخذ غرباً بشمالٍ فيما بين بلاد ريف الوجه البحري والبرية حتى يجاوز بركة النطرون، ويمضي إلى قريب من الإسكندرية.
ويسمى سامت الواحات جبل جالوت نسبة إلى جالوت البربري.
ويتصل به من جنوبي الواحات جبل اللازورد قيل إن معدن لازورد، وإنه امتنع استخراجه لانقطاع العمارة هناك.